حفيدات عائشة رضي الله عنها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي بفضله و بنعمته تتم الصالحات ، و الصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ، الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، و نصح الأمة ، وتركها على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، وارضَ اللهم على كل من تبع سنته ، وعمل بها إلى يوم الدين . أما بعد : ــ
لقد منّ الله علينا بنعمة الإسلام ، فأكرمنا ، ورفع شأننا ، وأزال عنا الهلاك والضياع ، وخص المرأة بالمكانة العالية ، وأعزها وأمدها بحقوق مثلما كلفها بالواجبات وساواها بالرجل بالثواب والعقاب .
وتاريخ الإسلام حافل ومشرّف بقصص الصالحات ، الطائعات ، المضحيات بكل ما يمتلكن لعزة هذا الدين ونصرته .
أختاه ! يا حفيدة عائشة رضي الله عنها يا من استنرت بكتاب الله تبارك وتعالى ، وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأصبحت كالمصباح المنير ، الذي يمكنه أن يضيء بكل طريق مظلم سلكته أخت من أخواتها ، أو مشت في ظلمة الباطل .
لم لا تكوني داعية إلى الحق ، هادية لدينك ، فقد كثرت المفاسد ، وأحاطت بنا آفات الشياطين ، فأغلقت عيون الكثيرات ، وتحجرت قلوبهن - إلا ما رحم ربي - .
فكوني داعية يا أمة الله ! تلتمسين بدعوتك الجزاء العظيم الذي أعده الله تعالى لك كلما أخلصت نيتك لله عز وجل ، والثواب الكبير حتى لو بلّغت كلمة واحدة تأمرين بها بمعروف أو تنهين بها عن منكر كما أوصى حبيبنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم صحابته رضي الله عنهم أجمعين بقوله : " بلغوا عني ولو آية " تثبتين لأخواتك مدى حبك لهن ، وحرصك عليهن ، وأنك تحبين لهن ما تحبين لنفسك .
فالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، لا يكون مقصوراً على الرجال فقط ، بل هو واجب على الرجل والمرأة على حد سواء ، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) ( التوبة 71 ) .
فهذا العمل المشرف الذي وكّل إليها بأن تكون داعية إلى الله تعالى بكل ما تعلمته من علم ، أو موعظة ، أو هداية قائمة على الدليل والبرهان ، وجب عليها تبليغه لغيرها ــ قدر استطاعتها ــ ، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) ( صحيح مسلم (16/ 227) كتاب العلم باب من سنّ سنّة حسنة ).
فيا حفيدة عائشة رضي الله عنها ! إن الله تعالى لم يخلقنا في هذه الحياة الدنيا عبثاً . فإذا أردت أختاه أن تعرفي مقامك فانظري فيما أقامك الله تعالى ، وحافظي على هذا الشرف العظيم ، بطاعة الله تبارك وتعالى ، وعمل الصالحات لتكوني القدوة الصالحة لمن تدعيهن .
واحرصي كل الحرص أن تكوني داعية لبقة ، ذكية في دعوتها ، تقدر اختلاف المستوى الفكري ، والاجتماعي ، والثقافي لهنّ ، واحذري من الإطالة في الحديث ، وليكن في حديثك الإيجاز الذي يبيّن المطلوب ، وأهم النقاط الأساسية لموضوعك بأدلته . فقد كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه الجميع .
وعليك أن تصبري على ما سوف تلاقينه من العوام من جهل بالدين ، أو تمسك بأخطاء قد اعتدن عليها ويصعب عليهن تغييرها ، فادعيهن بما أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه و سلم بقوله : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة ) (النحل 125) .
فيا أختي الداعية يا حفيدة عائشة رضي الله عنها ! إن عليك الدور الأكبر في النصيحة لهن بالحكمة ، والأسلوب الجميل ، وبطريق غير مباشر، والتذكير بمدى التقصير إن كنّ مقصرات .
وما جلستن في مجلس تذكرن الله عز وجل فيه ، إلا وحفتكن الملائكة ، وغشيتكن الرحمة ، ونزلت عليكن السكينة ، وذكركن الله تعالى فيمن عنده .
ويكفيكن شرفاً : دعاء النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم لكنّ بالنضارة ، فقد قال : ( نضّر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فربّ مبلغ أوعى من سامع ) (حديث حسن صحيح رواه الترمذي 5/34 في كتاب العلم ) .
فأسأل الله لنا ولك أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ، إنه هو العليم الحكيم ..
وأسأل الله لك أختاه مرة أخرى الثبات على الحق ، والثواب من الحق ، وصلى الله و سلم على خير الخلق ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .